الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

أنا والناس

يكذب من يقول بأنه لا يهتم برأي الآخرين به، ويكذب أكثر من يقول بأنه يعيش حياته لنفسه لا للناس.


قد نختلف هنا وقد نتفق...

 لكن هل يستطيع أحد منا أن ينكر بأنه عندما فتح خزانة ملابسه هذا الصباح لانتقاء ما سيرتديه لم يأخذ بالاعتبار من سيقابل وأين سيذهب قبل أن يستقرّ رأيه على ما اختاره؟


وليكن أن أحدا أجاب بالنفي وأصرّ على أن اعتبارات الآخرين لم ولن تدخل في حسابات إطلالته الحالية أو المستقبلية وأنه صاحب شخصية مستقلة بحد ذاتها لا يهتم لما سيقوله الآخرون عنه، إن اختار أن يرتدي بنطالا برتقاليا وقميصا بنفسجيا وقبعة حمراء وخرج ليتمشى وسط البلد!

لكن هذه الرغبة الدفينة في إثبات النفس كذات مستقلة وبوهيمية فريدة، من أين جاءت أو بالأصح، لمن توجه؟  أليست للناس أيضا؟

وبدلا من أن ندخل في جدل حول الموضوع بين مؤيد ومعارض، فلنلجأ لمن سبقنا بتحليل هذا الموضوع وإشباعه براهينا، سيّد الوجودية سارتر، الذي يقول: إن الجحيم ليس سوى الناس الآخرين، ولكل منا جحيمه الذي يقوده إلى بذل الجهد والمال والوقت والعاطفة لكسب رضاه أو في أضعف الإيمان تجنب انتقاده...

نظرة الآخرين لنا هي بنفس أهمية نظرتنا لأنفسنا لأن تلك النظرة تحدد ملامح شخصيتنا كأفراد في المجتمع وتؤطر طريقة تعاملهم معنا وبالتالي نصبح فعلا نتاج انطباعاتهم عنّا، وسواء كانت هذه الانطباعات سلبية أو إيجابية سنستمر بمحاولة تعزيزها أو ضحدها في عقول من حولنا.

طبعا، كما في كل شيء، هناك تفاوت في مدى تفانينا كأشخاص نحو كسب رضا الآخرين فهناك من يتجرد تماما من شخصيته وينزع كل نقاط التعجب التي قد تثار حوله، ويتحول إلى جملة مملة خالية من الدهشة..
وهناك من لا يتوقف عن إدهاشنا بألوانه البرتقالية والبنفسجية والحمراء..

هناك 4 تعليقات:

  1. مالها الألوان البرتقالية! *يتفحص بلوزته البرتقالية*
    :)

    ----
    الدنيا ... مسرح! و المسرح = أزياء :)
    أتفق أن الانطباعات المسبقة التي "قد" تكون لدى الآخرين تحكم بعض تصرفاتنا و بأثر "تقدّمي" إن أردت :)

    اعتراض "خفيف" اللهجة على ----> نظرة الآخرين لنا هي بنفس أهمية نظرتنا لأنفسنا

    ردحذف
  2. عجبني السجع، :]

    يعني أجيب أمثلة "مضادة" تدعّم كلامي :)

    بنخلصش هيك! أنا قصدت النسبية في المسألة
    برأيي أن الأساس = نظرتنا لأنفسنا، و من ثم الانطلاق ... هذا ليس ما يحدث غالبا ً ، أعلم ذلك و لكن كثير من الصراعات "لم أجد كلمة أفضل!" سواء بين الشخص و ذاته أو مع الآخرين يمكن أن نعزيها لتغليب الثانوي "الآخر" على الأوليّ "أنا!"

    ردحذف
  3. عزيزتي سهر ...
    أضحكتني بممثالكِ !
    فبالنسبة لي ، عندما أرتدي ملابس المدرسة ، أفكر هل ستعجب
    معلمتي ..... بهذه الهيئة ، بهذه الشيلة ، و غيرها ...

    أقرأ حاليًا عن الوجودية لأنيس منصور ،
    سأخبركِ برأيي فيما بعد ...

    تحيآتي لكِ ...

    ردحذف
  4. هيثم: معك 100% بأن تغليب نظرة الآخر سبب في خلق "صراعات" داخلية وخارجية كبيرة.. وللوصول إلى حياة يسودها الودّ والتناغم علينا أن نجد سبلا للانسجام مع الآخر ، أحيانا عن طريق إيجاد قواسم مشتركة ننطلق منها، وأحيانا أخرى عن طريق تقديم تنازلات لبناء هذه القاعدة المشتركة وفي كلا الحالتين يتقدم رأيه على رأينا مرارا! فهيك مش خالصين ولا هيك خالصين:-)

    dodo: بانتظار رأيك دائما، مشكورة!

    ردحذف