.
شاءت الظروف في الفترة
الأخيرة أن أقضي وقتا لا بأس فيه من عمري في غرف انتظار متعددة الأغراض والأسباب، أنتظر
حلول موعد أو قدوم شخص أو وصول طرد أو ختم مدير أو شبّاك صرّاف
.
وفي غرف الانتظار لا صوت
يعلو فوق صوت ساعة الحائط، ولا أمل معقود إلا في عدّاد الدور وناصية موظف الاستقبال.
في غرف الانتظار يتوقف
الزمن مكانه والأرض تتوقف عن الدوران.
لا دخول أو خروج، لا خطوة
إلى الأمام ولا أخرى إلى الخلف.
لا كلام ولا سلام أو ابتسام،
فالفراغ سيّد الموقف.
إن كنت محظوظا، رنّة من
هاتفك المتنقل تنقذك من هذه الحفرة السوداء، فتشعر بأهميتك ولو للحظات أمام رفاقك في
الدور والمصير.
وإن لم يكن حظك قوّيا ذلك
اليوم، لا يتذكرك أحد بمكالمة عابرة، فتغرق
في بحر أفكارك وتتلاطم أمواجها في رأسك تتقاذفك ذات اليمين وذات الشمال، قبل أن تفيق
مذعورا من فكرة خبيثة تداهمك فجأة صارخة: حياتك غرفة انتظار!
تنتظر الإشارة لتخضرّ،
والدوام لينتهي، والليل ليخيم والنهار ليشرق.
تنتظر الطعام ليجهز والوزن
لينقص والحرارة لترتفع والبرد ليرحل.
تنتظر الطائرة لتصل والعريس
ليتقدم والفرج ليأتي والملل ليذهب.
تنتظر الساعة الثانية لتذهب
لموعد الغداء، وتنتظر الخميس لسهرة في المساء وتنتظر التنزيلات لشراء حذاء للمناسبات.
تنتظر المال لتسعد والحبّ
لترقص والإبن لترضى والشفاء لتعيش.
تنتظر وتنتظر وتنتظر، والعمر
تمضي واالحياة لا ينتظر.
و لهذا لا أحد يحب الانتظار! ربما حتى إذا كان مع من تحب .. هو شعور غير مريح ، تحس بنوع من الخسارة؟
ردحذفخسارة وأية خسارة! كلها دقائق محسوبة من عمرنا نظن أننا نمضيها في الانتظار، فعليا نلقي بها في سلة المهملات. لكن، الانتظار أحيانا كثيرا مكتوب علينا قصرا، في دور أو عيادة أو مطار أو أمام إشارة، في هذه الحالة الكتاب يصبح خير جليس!
حذف