الأربعاء، 31 يوليو 2013

سرّ

ثمة راحة ما في بوح أسرارنا  لأشخاص غرباء لا نعرف عنهم شيئا.
حالة إنسانية محيّرة تلك التي تدفعك للاعتراف للراكب الذي يجلس بقربك على الطائرة والذي لا تعرف عنه سوى رقم مقعده بأنك لا تطيق الطريقة التي يشرب بها شريك حياتك قهوته الصباحية، و بالكاد تقوى على قول صباح الخير لهذا الشريك!
اعترافات عشوائية لغرباء تقودنا أنانيتنا لإجبارهم على سماع أسرارقد توجع القلب أحيانا، لكنها تُجّرح أصحابها أحيانا أكثر.
ألم تسألي نفسك يوما، لماذا لا تتوقف تلك السيدة التي تصبغ شعرها أمامك عن تعداد أرقام ميزانية حماتها الشهرية لآخر منزلة عشرية لمصفف الشعر الذي بالكاد تتذكر اسمه؟
ولماذا يعتقد هذا الرجل على الطاولة التي خلفك بأن النادل الذي يخدمه لديه فضول ووقت وصبر للاستماع لشرح مفصل عن تاريخه الطبي المليء بحساسيات عجيبة وأمراض أغرب؟
ربما هو الشعور بالأمان الذي تولده غربة الشخص الذي أمامنا فهو أو هي، ببساطة لا يعرفوننا! وبالتالي، لن تعني لهم شخوص حكايتنا أو أسبابها شيئا.
فنزيح همّ هذا السرّ عن أكتافنا ونفضفض عن أكثر مشاعرنا سوداوية لمن أدّى بهم حظهم السيء في تلك اللحظة ليكونوا في دربنا.
لكن الأصعب من هذا وذاك هو سبب اختيار الغرباء بدلا من الأقارب، فإن كان هناك أسرار لديك لا يوجد شخص واحد في حياتك قادر على تحمّل عبء مصيبتك معك فأنت فعلا في مصيبة.
الشعور بالغربة بين أقرب الناس إلينا أمرٌ  ولا أمرّ، ويحتاج لوقفة طويلة وإعادة حسابات، أقلّها لكي لا يتنهد مصفف الشعر مللا كلما قرأ اسمك على دفتر مواعيده.

هناك 4 تعليقات:

  1. هو بس إحساس انه الغريب لن يبوح بتلك الأسرار هي من تجعلنا نأتمنه عليها .. فنحن لن نراه مجدداً .. فهو شخص عابر يأخذ أسرارنا ويرحل بعيداً ..

    ردحذف
  2. أهي اعترافات أم شيء آخر يا ترى؟

    ردحذف
  3. البوح نوع من أنواع العلاج النفسي الآني، نسرد ما يؤرقنا لغيرنا ليس من باب الحصول على النصيحة أو المشاركة بل هو أكثر للفضفضة..أما الاعتراف فهو إجمالا ينطوي على ذنب نريد أن نكفر عنه، والمستمع يصبح القاضي، فإما الصفح أو العقاب..

    ردحذف